فصل: النَّوْعُ الثَّلَاثُونَ: فِي الْإِمَالَةِ وَالْفَتْحِ وَمَا بَيْنَهُمَا:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الإتقان في علوم القرآن (نسخة منقحة)



.فصل: في كَيْفِيَّةِ الْوَقْفِ عَلَى أَوَاخِرَ الْكَلِمِ:

لِلْوَقْفِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ أَوْجُهٌ مُتَعَدِّدَةٌ وَالْمُسْتَعْمَلُ مِنْهَا عِنْدَ أَئِمَّةِ الْقِرَاءَةِ تِسْعَةٌ: السُّكُونُ، وَالرَّوْمُ، وَالْإِشْمَامُ، وَالْإِبْدَالُ، وَالنَّقْلُ، وَالْإِدْغَامُ، وَالْحَذْفُ، وَالْإِثْبَاتُ، وَالْإِلْحَاقُ.
فَأَمَّا السُّكُونُ: فَهُوَ الْأَصْلُ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْكَلِمَةِ الْمُحَرَّكَةِ وَصْلًا؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْوَقْف: التَّرْكُ وَالْقَطْعُ، وَلِأَنَّهُ ضِدُّ الِابْتِدَاءِ فَكَمَا لَا يُبْتَدَأُ بِسَاكِنٍ لَا يُوقَفُ عَلَى مُتَحَرِّكٍ، وَهُوَ اخْتِيَارُ كَثِيرٍ مِنَ الْقُرَّاءِ.
وَأَمَّا الرَّوْمُ: فَهُوَ عِنْدَ الْقُرَّاءِ عِبَارَةٌ، عَنِ النُّطْقِ بِبَعْضِ الْحَرَكَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَضْعِيفُ الصَّوْتِ بِالْحَرَكَةِ حَتَّى يَذْهَبَ مُعْظَمُهَا. قَالَ ابْنُ الْجَزَرِيّ: وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ وَاحِدٌ. وَيَخْتَصُّ بِالْمَرْفُوعِ وَالْمَجْزُومِ وَالْمَضْمُومِ وَالْمَكْسُورِ. بِخِلَافِ الْمَفْتُوحِ؛ لِأَنَّ الْفَتْحَةَ خَفِيفَةٌ، إِذَا خَرَجَ بَعْضُهَا خَرَجَ سَائِرُهَا، فَلَا تَقْبَلُ التَّبْعِيضَ.
وَأَمَّا الْإِشْمَامُ: فَهُوَ عِبَارَةٌ، عَنِ الْإِشَارَةِ إِلَى الْحَرَكَةِ مِنْ غَيْرِ تَصْوِيتٍ. وَقِيلَ: أَنْ تَجْعَلَ شَفَتَيْكَ عَلَى صُورَتِهَا. وَكِلَاهُمَا وَاحِدٌ.
وَيَخْتَصُّ بِالضَّمَّةِ، سَوَاءٌ كَانَتْ حَرَكَةَ إِعْرَابٍ أَمْ بِنَاءٍ إِذَا كَانَتْ لَازِمَةً، أَمَّا الْعَارِضَةُ، وَمِيمُ الْجَمْعِ عِنْدَ مَنْ ضَمَّ، وَهَاءُ التَّأْنِيث: فَلَا رَوْمَ فِي ذَلِكَ وَلَا إِشْمَامَ.
وَقَيَّدَ ابْنُ الْجَزَرِيّ: هَاءَ التَّأْنِيثِ بِمَا يُوقَفُ عَلَيْهَا بِالْهَاءِ، بِخِلَافِ مَا يُوقَفُ عَلَيْهَا بِالتَّاءِ لِلرَّسْمِ.
ثُمَّ إِنَّ الْوَقْفَ بِالرَّوْمِ وَالْإِشْمَامِ وَرَدَ عَنْ أَبِي عُمَرَ وَالْكُوفِيِّينَ نَصًّا، وَلَمْ يَأْتِ، عَنِ الْبَاقِينَ فِيهِ شَيْءٌ، وَاسْتَحَبَّهُ أَهْلُ الْأَدَاءِ فِي قِرَاءَتِهِمْ أَيْضًا.
وَفَائِدَتُهُ: بَيَانُ الْحَرَكَةِ الَّتِي تَثْبُتُ فِي الْوَصْلِ لِلْحِرَفِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ؛ لِيَظْهَرَ لِلسَّامِعِ أَوِ النَّاظِرِ كَيْفَ تِلْكَ الْحَرَكَةُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهَا.
وَأَمَّا الْإِبْدَالُ: فَفِي الِاسْمِ الْمَنْصُوبِ الْمُنَوَّنِ، يُوقَفُ عَلَيْهِ بِالْأَلِفِ بَدَلًا مِنَ التَّنْوِينِ وَمِثْلِهِ (إِذَنْ). وَفِي الِاسْمِ الْمُفْرَدِ الْمُؤَنَّثِ بِالتَّاءِ، يُوقَفُ عَلَيْهِ بِالْهَاءِ بَدَلًا مِنْهَا. وَفِيمَا آخِرُهُ هَمْزَةٌ مُتَطَرِّفَةٌ بَعْدَ حَرَكَةٍ أَوْ أَلِفٍ، فَإِنَّهُ يُوقَفُ عَلَيْهِ عِنْدَ حَمْزَةَ بِإِبْدَالِهَا حَرْفَ مَدٍّ مِنْ جِنْسِ مَا قَبْلَهَا، ثُمَّ إِنْ كَانَ أَلِفًا جَازَ حَذْفُهَا نَحْوُ: {اقْرَءُوا} [الْعَلَق: 1] وَ{نَبِّئْ} [الْحِجْر: 49] وَ{يَبْدَأُ} [الرُّوم: 11]. {وَإِنِ امْرُؤٌ} [النِّسَاء: 176]، وَ{مِنْ شَاطِئِ} [الْقَصَص: 3] وَ{يَشَاءُ} [التَّكْوِير: 29]، وَ{مِنَ السَّمَاءِ} [الْبَقَرَة: 22]، وَ{مِنْ مَاءٍ} [النُّور: 45].
وَأَمَّا النَّقْلُ: فَفِيمَا آخِرُهُ هَمْزَةٌ بَعْدَ سَاكِنٍ، فَإِنَّهُ يُوقَفُ عَلَيْهِ عِنْدَ حَمْزَةَ بِنَقْلِ حَرَكَتِهَا إِلَيْهِ فَيُحَرَّكُ بِهَا، ثُمَّ تُحْذَفُ هِيَ، سَوَاءٌ أَكَانَ السَّاكِنُ صَحِيحًا، نَحْوُ: {دِفْءٌ} [النَّحْل: 5] {مِلْءُ} [آلِ عِمْرَانَ: 91]. {يَنْظُرُ الْمَرْءُ} [عَمَّ: 40]، {لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ} [الْحِجْر: 44]، {بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} [الْأَنْفَال: 24] وَ{بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} [الْبَقَرَة: 102]، {يُخْرِجُ الْخَبْءَ} [النَّمْل: 25] وَلَا ثَامِنَ لَهَا.
أَمْ يَاءً أَوْ وَاوًا أَصْلِيَّتَيْنِ، سَوَاءً كَانَتَا حَرْفَ مَدٍّ، نَحْوُ: {الْمُسِيءُ} وَ{جِيءَ} [الزُّمَر: 69] وَ{يُضِيءُ} [النُّور: 35]. {أَنْ تَبُوءَ} [الْمَائِدَة: 29] {لَتَنُوءُ} [الْقَصَص: 76]، {وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ} [آلِ عِمْرَانَ: 30] أَمْ لِينٍ، نَحْوُ: {شَيْءٌ}، {قَوْمَ سَوْءٍ} [الْأَنْبِيَاء: 77]. {مَثَلُ السَّوْءِ} [النَّحْل: 60].
وَأَمَّا الْإِدْغَامُ: فَفِيمَا آخِرُهُ هَمْزٌ بَعْدَ يَاءٍ أَوْ وَاوٍ زَائِدَتَيْنِ، فَإِنَّهُ يُوقَفُ عَلَيْهِ عِنْدَ حَمْزَةَ أَيْضًا بِالْإِدْغَامِ بَعْدَ إِبْدَالِ الْهَمْزِ مِنْ جِنْسِ مَا قَبْلَهُ، نَحْوُ: {النَّسِيءُ} [التَّوْبَة: 37] وَ{بَرِيءٌ} [التَّوْبَة: 3] وَ{قُرُوءٍ} [الْبَقَرَة: 228].
وَأَمَّا الْحَذْفُ: فَفِي الْيَاءَاتِ الزَّوَائِدِ عِنْدَ مَنْ يُثْبِتُهَا وَصْلًا، وَيَحْذِفُهَا وَقْفًا. وَيَاءَاتُ الزَّوَائِدِ- وَهِيَ الَّتِي لَمْ تُرْسَمْ- مِائَةٌ وَإِحْدَى وَعِشْرُونَ، مِنْهَا: خَمْسٌ وَثَلَاثُونَ فِي حَشْوِ الْآيِ، وَالْبَاقِي فِي رُءُوسِ الْآيِ.
فَنَافِعٌ وَأَبُو عَمْرٍو وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَأَبُو جَعْفَرٍ: يُثْبِتُونَهَا فِي الْوَصْلِ دُونَ الْوَقْفِ.
وَابْنُ كَثِيرٍ وَيَعْقُوبُ: يُثْبِتَانِ فِي الْحَالَيْنِ.
وَابْنُ عَامِرٍ وَعَاصِمٌ وَخَلَفٌ: يَحْذِفُونَ فِي الْحَالَيْنِ.
وَرُبَّمَا خَرَجَ بَعْضُهُمْ عَنْ أَصْلِهِ فِي بَعْضِهَا.
وَأَمَّا الْإِثْبَاتُ: فَفِي الْيَاءَاتِ الْمَحْذُوفَاتِ وَصْلًا عِنْدَ مَنْ يُثْبِتُهَا وَقْفًا، نَحْوَ: هَادٍ وَوَالٍ وَوَاقٍ وَبَاقٍ.
وَأَمَّا الْإِلْحَاقُ: فَمَا يَلْحَقُ آخِرَ الْكَلِمِ مِنْ هَاءَاتِ السَّكْتِ عِنْدَ مَنْ يُلْحِقُهَا فِي: عَمَّ وَفِيمَ وَبِمَ وَلِمَ وَمِمَّ.
وَالنُّونِ الْمُشَدَّدَةِ مِنْ جَمْعِ الْإِنَاثِ، نَحْوُ: هُنَّ وَمِثْلِهِنَّ.
وَالنُّونِ الْمَفْتُوحَةِ، نَحْوُ: الْعَالَمِينَ وَالَّذِينَ وَالْمُفْلِحُونَ.
وَالْمُشَدَّدِ الْمَبْنِيِّ، نَحْوُ: {أَلَّا تَعْلُوَا عَلَيَّ} [النَّمْل: 31]. وَ{خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75] وَ{بِمُصْرِخِيَّ} [إِبْرَاهِيمَ: 22] وَ{لَدَيَّ} [النَّمْل: 10].

.قَاعِدَةٌ:

أَجْمَعُوا عَلَى لُزُومِ اتِّبَاعِ رَسْمِ الْمَصَاحِفِ الْعُثْمَانِيَّةِ فِي الْوَقْفِ إِبْدَالًا وَإِثْبَاتًا، وَحَذْفًا وَوَصْلًا وَقَطْعًا. إِلَّا أَنَّهُ وَرَدَ عَنْهُمُ اخْتِلَافٌ فِي أَشْيَاءَ بِأَعْيَانِهَا، كَالْوَقْفِ بِالْهَاءِ عَلَى مَا كُتِبَ بِالتَّاءِ، وَبِإِلْحَاقِ الْهَاءِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَغَيْرِهِ، وَبِإِثْبَاتِ الْيَاءِ فِي مَوَاضِعَ لَمْ تُرْسَمْ بِهَا، وَالْوَاوِ فِي: {وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ} [الْإِسْرَاء: 11]، {يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ} [الْقَمَر: 6]، {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} [الْعَلَق: 18] وَ{وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ} [الشُّورَى: 24]. وَالْأَلِفُ فِي {أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ} [النُّور: 31]، {أَيُّهَا السَّاحِرُ} [الزُّخْرُف: 49]، {أَيُّهَا الثَّقَلَانِ} [الرَّحْمَن: 31].
وَتُحْذَفُ النُّونُ فِي: وَكَأَيِّنْ حَيْثُ وَقَعَ فَإِنَّ أَبَا عَمْرٍو يَقِفُ عَلَيْهِ بِالْيَاءِ وَيَصِلُ أَيَّامًا فِي [الْإِسْرَاء: 110]. وَمَالَ فِي [النِّسَاء: 78] وَالْكَهْفِ [49] وَالْفُرْقَانِ [7] وَسَأَلَ [36] وَقَطَعَ وَيْكَأَنَّ... وَيْكَأَنَّهُ [الْقَصَص: 82]. أَلَّا يَسْجُدُوا [النَّمْل: 25]. وَمِنَ الْقُرَّاءِ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسْمَ فِي الْجَمِيعِ.

.النَّوْعُ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ: فِي بَيَانِ الْمَوْصُولِ لَفْظًا الْمَفْصُولِ مَعْنًى:

هُوَ نَوْعٌ مُهِمٌّ جَدِيرٌ أَنْ يُفْرَدَ بِالتَّصْنِيفِ، وَهُوَ أَصْلٌ كَبِيرٌ فِي الْوَقْفِ؛ وَلِهَذَا جَعَلْتُهُ عَقِبَهُ. وَبِهِ يَحْصُلُ حَلُّ إِشْكَالَاتٍ وَكَشْفُ مُعْضِلَاتٍ كَثِيرَةٍ:
مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} إِلَى قَوْلِه: {جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الْأَعْرَاف: 189- 190]؛فَإِنَّ الْآيَةَ فِي قِصَّةِ آدَمَ وَحَوَّاءَ كَمَا يُفْهِمُهُ السِّيَاقُ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي حَدِيثٍ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ- وَحَسَّنَهُ- وَالْحَاكِمُ- وَصَحَّحَهُ- مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ مَرْفُوعًا.
وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
لَكِنَّ آخِرَ الْآيَةِ مُشْكِلٌ، حَيْثُ نُسِبَ الْإِشْرَاكُ إِلَى آدَمَ وَحَوَّاءَ، وَآدَمُ نَبِيٌّ مُكَلَّمٌ، وَالْأَنْبِيَاءُ مَعْصُومُونَ مِنَ الشِّرْكِ قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَبَعْدَهَا إِجْمَاعًا، وَقَدْ جَرَّ ذَلِكَ بَعْضَهُمْ إِلَى حَمْلِ الْآيَةِ عَلَى غَيْرِ آدَمَ وَحَوَّاءَ، وَأَنَّهَا فِي رَجُلٍ وَزَوْجَتِهِ كَانَا مِنْ أَهْلِ الْمُلْكِ، وَتَعَدَّى إِلَى تَعْلِيلِ الْحَدِيثِ وَالْحُكْمِ بِنَكَارَتِهِ.
وَمَا زِلْتُ فِي وَقْفَةٍ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى رَأَيْتُ ابْنَ أَبِي حَاتِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِه: {فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} قَالَ: هَذِهِ فَصْلٌ مِنْ آيَةِ آدَمَ، خَاصَّةٌ فِي آلِهَةِ الْعَرَبِ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاق: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، سَمِعْتُ صَدَقَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ الْمَكِّيَّ يُحَدِّثُ، عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ: هَذَا هُوَ الْمَوْصُولُ الْمَفْصُولُ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، قَالَ: هَذِهِ مَفْصُولَةٌ، إِطَاعَةً فِي الْوَلَدِ {فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} هَذِهِ لِقَوْمِ مُحَمَّدٍ.
فَانْحَلَّتْ عَنِّي هَذِهِ الْعُقْدَةُ، وَانْجَلَتْ لِي هَذِهِ الْمُعْضِلَةُ، وَاتَّضَحَ بِذَلِكَ أَنَّ آخَرَ قِصَّةِ آدَمَ وَحَوَّاءَ فِيمَا آتَاهُمَا وَأَنَّ مَا بَعْدَهُ تَخَلُّصٌ إِلَى قِصَّةِ الْعَرَبِ، وَإِشْرَاكِهُمُ الْأَصْنَامَ.
وَيُوَضِّحُ ذَلِكَ تَغْيِيرُ الضَّمِيرِ إِلَى الْجَمْعِ بَعْدَ التَّثْنِيَةِ، وَلَوْ كَانَتِ الْقِصَّةُ وَاحِدَةٌ لَقَالَ: {عَمَّا يُشْرِكَانِ} كَقَوْلِه: {دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا}.. {فَلَمًّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا} [الْأَعْرَاف: 189- 190]، وَكَذَلِكَ الضَّمَائِرُ فِي قَوْلِهِ بَعْدَهُ: {أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا} [الْأَعْرَاف: 191] وَمَا بَعْدَهُ إِلَى آخِرِ الْآيَاتِ وَحُسْنُ التَّخَلُّصِ وَالِاسْتِطْرَادُ مِنْ أَسَالِيبِ الْقُرْآنِ.
مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ} الْآيَةَ [آلِ عِمْرَانَ: 7]، فَإِنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ الْوَصْلِ يَكُونُ، {الرَّاسِخُونَ يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَهُ} وَعَلَى تَقْدِيرِ الْفَصْلِ بِخِلَافِهِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ، وَأَبِي نَهْيِكٍ، قَالَا: إِنَّكُمْ تَصِلُونَ هَذِهِ الْآيَةَ وَهِيَ مَقْطُوعَةٌ.
وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ كَوْنُ الْآيَةِ دَلَّتْ عَلَى ذَمِّ مُتَّبِعِي الْمُتَشَابِهِ وَوَصْفِهِمْ بِالزَّيْغِ.
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النِّسَاء: 101] فَإِنَّ ظَاهِرَ الْآيَةِ يَقْتَضِي أَنَّ الْقَصْرَ مَشْرُوطٌ بِالْخَوْفِ، وَأَنَّهُ لَا قَصْرَ مَعَ الْأَمْنِ، وَقَدْ قَالَ بِهِ لِظَاهِرِ الْآيَةِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ عَائِشَةُ، لَكِنْ بُيِّنَ سَبَبُ النُّزُولِ أَنَّ هَذَا مِنَ الْمَوْصُولِ الْمَفْصُولِ. فَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ: «سَأَلَ قَوْمٌ مِنَ التُّجَّارِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَضْرِبُ فِي الْأَرْضِ، فَكَيْفَ نُصَلِّي فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} [النِّسَاء: 101]، ثُمَّ انْقَطَعَ الْوَحْيُ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ بِحَوْلٍ، غَزَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى الظُّهْرَ.
فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: لَقَدْ أَمْكَنَكُمْ مُحَمَّدٌ وَأَصْحَابُهُ مِنْ ظُهُورِهِمْ هَلَّا شَدَدْتُمْ عَلَيْهِمْ.
فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: إِنَّ لَهُمْ أُخْرَى مِثْلَهَا فِي أَثَرِهَا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ {إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} إِلَى قَوْلِه: {عَذَابًا مُهِينًا} [النِّسَاء: 101] فَنَزَلَتْ صَلَاةُ الْخَوْفِ»
.
فَتَبَيَّنَ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ قَوْلَهُ: إِنْ خِفْتُمْ شَرْطٌ فِيمَا بَعْدَهُ، وَهُوَ صَلَاةُ الْخَوْفِ لَا صَلَاةُ الْقَصْرِ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ. هَذَا تَأْوِيلٌ فِي الْآيَةِ حَسَنٌ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْآيَةِ (إِذَا).
قَالَ ابْنُ الْفَرَس: وَيَصِحُّ مَعَ (إِذَا) عَلَى جَعْلِ الْوَاوِ زَائِدَةً.
قُلْتُ: يَعْنِي وَيَكُونُ مِنِ اعْتِرَاضِ الشَّرْطِ عَلَى الشَّرْطِ، وَأَحْسَنُ مِنْهُ أَنْ تَجْعَلَ إِذَا زَائِدَةً بِنَاءً عَلَى قَوْلِ مَنْ يُجِيزُ زِيَادَتَهَا.
وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِهِ التَّفْسِير: قَدْ تَأْتِي الْعَرَبُ بِكَلِمَةٍ إِلَى جَانِبِ أُخْرَى كَأَنَّهَا مَعَهَا، وَهِيَ غَيْرُ مُتَّصِلَةٍ بِهَا، وَفِي الْقُرْآن: {يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ} [الْأَعْرَاف: 110] هَذَا قَوْلُ الْمَلَأِ، فَقَالَ فِرْعَوْنُ: {فَمَاذَا تَأْمُرُونَ} [الْأَعْرَاف: 110].
وَمِثْلُهُ: {أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} انْتَهَى كَلَامُهَا، فَقَالَ يُوسُفُ: {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ} [يُوسُفَ: 51- 52].
وَمِثْلُهُ: {إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً} هَذَا مُنْتَهَى قَوْلِهَا، فَقَالَ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} [النَّمْل: 34].
وَمِثْلُهُ: {مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا} انْتَهَى قَوْلُ الْكُفَّارِ، فَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ {هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ}.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ قَتَادَةَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ: آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ أَوَّلُهَا أَهْلُ الضَّلَالَةِ وَآخِرُهَا أَهْلُ الْهُدَى، قَالُوا: {يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا} [يس: 52] هَذَا قَوْلُ أَهْلِ النِّفَاقِ وَقَالَ أَهْلُ الْهُدَى حِينَ بُعِثُوا مِنْ قُبُورِهِمْ {هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنَ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ}.
وَأَخْرَجَ عَنْ مُجَاهِدٍ قَوْلَهُ: {وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ} [الْأَنْعَام: 109] قَالَ: وَمَا يُدْرِيكُمْ أَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ إِذَا جَاءَتْ؟ ثُمَّ اسْتَقْبَلَ بِخَبَرٍ فَقَالَ: {أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ}.

.النَّوْعُ الثَّلَاثُونَ: فِي الْإِمَالَةِ وَالْفَتْحِ وَمَا بَيْنَهُمَا:

أَفْرَدَهُ بِالتَّصْنِيفِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْقُرَّاءِ مِنْهُمُ ابْنُ الْقَاصحِ، عَمِلَ كِتَابَهُ: قُرَّةَ الْعَيْنِ فِي الْفَتْحِ وَالْإِمَالَةِ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ.
قَالَ الدَّانِيُّ: الْفَتْحُ وَالْإِمَالَةُ لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ، فَاشِيَتَانِ عَلَى أَلْسِنَةِ الْفُصَحَاءِ مِنَ الْعَرَبِ الَّذِينَ نَزَلَ الْقُرْآنُ بِلُغَتِهِمْ: فَالْفَتْحُ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ، وَالْإِمَالَةُ لُغَةُ عَامَّةِ أَهْلِ نَجْدٍ مِنْ تَمِيمٍ وَأَسْدٍ وَقَيْسٍ.
قَالَ: وَالْأَصْلُ فِيهَا حَدِيثُ حُذَيْفَةَ مَرْفُوعًا: «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ بِلُحُونِ الْعَرَبِ وَأَصْوَاتِهَا، وَإِيَّاكُمْ وَأَصْوَاتِ أَهْلِ الْفِسْقِ وَأَهْلِ الْكِتَابَيْنِ».
قَالَ: فَالْإِمَالَةُ لَا شَكَّ مِنَ الْأَحْرُفِ السَّبْعَةِ، وَمَنْ لُحُونِ الْعَرَبِ وَأَصْوَاتِهَا.
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الْأَلِفَ وَالْيَاءَ فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءٌ.
قَالَ: يَعْنِي بِالْأَلِفِ وَالْيَاءِ التَّفْخِيمَ وَالْإِمَالَةَ.
وَأَخْرَجَ فِي تَارِيخِ الْقُرَّاءِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَاصِمٍ الضَّرِيرِ الْكُوفِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، قَالَ: قَرَأَ رَجُلٌ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ طه وَلَمْ يَكْسَرْ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّه: (طِهِ) وَكَسَرَ الطَّاءَ وَالْهَاءَ، فَقَالَ الرَّجُلُ: طه وَلَمْ يَكْسَرْ.
فَقَالَ عَبْدُ اللَّه: (طِهِ) وَكَسَرَ الطَّاءَ وَالْهَاءَ.
فَقَالَ الرَّجُلُ: طه وَلَمْ يَكْسَرْ.
فَقَالَ عَبْدُ اللَّه: (طِهِ) وَكَسَرَ ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ ابْنُ الْجَزَرِيّ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَهُوَ الْعَزْرَمِيُّ فَإِنَّهُ ضَعِيفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا، لَكِنْ ذَهَبَتْ كُتُبُهُ فَكَانَ يُحَدِّثُ مِنْ حِفْظِهِ! فَأُتِيَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ.
قُلْتُ: وَحَدِيثُهُ هَذَا أَخْرَجَهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ فِي تَفْسِيرِهِ، وَزَادَ فِي آخِرِه: وَكَذَا نَزَلَ بِهَا جِبْرِيلُ.
وَفِي جَمَالِ الْقُرَّاءِ، «عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ: {يَا يَحْيَى} [مَرْيَمَ: 12].
فَقِيلَ: لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تُمِيلُ وَلَيْسَ هِيَ لُغَةَ قُرَيْشٍ؟
فَقَالَ: هِيَ لُغَةُ الْأَخْوَالِ بَنِي سَعْدٍ»
.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَشْتَةَ، عَنْ أَبِي حَاتِمٍ قَالَ: احْتَجَّ الْكُوفِيُّونَ فِي الْإِمَالَةِ بِأَنَّهُمْ وَجَدُوا فِي الْمُصْحَفِ الْيَاءَاتِ فِي مَوْضِعِ الْأَلِفَاتِ فَاتَّبَعُوا الْخَطَّ وَأَمَالُوا لِيَقَرُبُوا مِنَ الْيَاءَاتِ.
الْإِمَالَةُ تَعْرِيفُهَا وَأَقْسَامُهَا: أَنْ يَنْحُوَ بِالْفَتْحَةِ نَحْوَ الْكَسْرَةِ، وَبِالْأَلِفِ نَحْوَ: الْيَاءِ كَثِيرًا، وَهُوَ الْمَحْضُ وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا: الْإِضْجَاعُ وَالْبَطْحُ وَالْكَسْرُ قَلِيلًا، وَهُوَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا: التَّقْلِيلُ وَالتَّلْطِيفُ وَبَيْنَ بَيْنَ.
فَهِيَ قِسْمَان: شَدِيدَةٌ وَمُتَوَسِّطَةٌ أَيِ الْإِمَالَةُ، وَكِلَاهُمَا جَائِزٌ فِي الْقِرَاءَةِ، وَالشَّدِيدَةُ يُجْتَنَبُ مَعَهَا الْقَلْبُ الْخَالِصُ، وَالْإِشْبَاعُ الْمُبَالَغُ فِيهِ، وَالْمُتَوَسِّطَةُ بَيْنَ الْفَتْحِ الْمُتَوَسِّطِ وَالْإِمَالَةِ الشَّدِيدَةِ.
قَالَ الدَّانِيُّ: وَعُلَمَاؤُنَا مُخْتَلِفُونَ أَيُّهُمَا أَوْجَهُ وَأَوْلَى؟ وَأَنَا أَخْتَارُ الْإِمَالَةَ الْوُسْطَى الَّتِي هِيَ بَيْنَ بَيْنَ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنَ الْإِمَالَةِ حَاصِلٌ بِهَا، وَهُوَ الْإِعْلَامُ بِأَنَّ أَصْلُ الْأَلِفِ الْيَاءَ، وَالتَّنْبِيهُ عَلَى انْقِلَابِهَا إِلَى الْيَاءِ فِي مَوْضِعٍ، أَوْ مُشَاكَلَتِهَا لِلْكَسْرِ الْمُجَاوِرِ لَهَا أَوِ الْيَاءِ.
وَأَمَّا الْفَتْحُ: فَهُوَ فَتْحُ الْقَارِئِ فَاهُ بِلَفْظِ الْحَرْفِ، وَيُقَالُ لَهُ: التَّفْخِيمُ، وَهُوَ شَدِيدٌ وَمُتَوَسِّطٌ.
فَالشَّدِيدُ: هُوَ نِهَايَةُ فَتْحِ الشَّخْصِ فَاهُ بِذَلِكَ الْحَرْفِ، وَلَا يَجُوزُ فِي الْقُرْآنِ، بَلْ هُوَ مَعْدُومٌ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ.
وَالْمُتَوَسِّطُ: مَا بَيْنَ الْفَتْحِ الشَّدِيدِ وَالْإِمَالَةِ الْمُتَوَسِّطَةِ. قَالَ الدَّانِيُّ: وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَسْتَعْمِلُهُ أَصْحَابُ الْفَتْحِ مِنَ الْقُرَّاءِ.
وَاخْتَلَفُوا: هَلِ الْإِمَالَةُ فَرْعٌ عَنِ الْفَتْحِ، أَوْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَصْلٌ بِرَأْسِهِ؟
وَوَجْهُ الْأَوَّل: أَنَّ الْإِمَالَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا لِسَبَبٍ، فَإِنْ فُقِدَ لَزِمَ الْفَتْحُ، وَإِنْ وُجِدَ جَازَ الْفَتْحُ وَالْإِمَالَةُ، فَمَا مِنْ كَلِمَةٍ تُمَالُ إِلَّا فِي الْعَرَبِ مَنْ يَفْتَحُهَا، فَدَلَّ اطِّرَادُ الْفَتْحِ عَلَى أَصَالَتِهِ وَفَرْعِيَّتِهَا.
وَالْكَلَامُ فِي الْإِمَالَةِ مِنْ خَمْسَةِ أَوْجُهٍ: أَسْبَابِهَا، وَوُجُوهِهَا، وَفَائِدَتِهَا، وَمَنْ يُمِيلُ، وَمَا يُمَالُ.
وَأَمَّا أَسْبَابُهَا أَيِ الْإِمَالَة: فَذَكَرُهَا الْقُرَّاءُ عَشَرَةً، قَالَ ابْنُ الْجَزَرِيّ: وَهِيَ تَرْجِعُ إِلَى شَيْئَيْن: أَحَدُهُمَا الْكَسْرَةُ، وَالثَّانِي الْيَاءُ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَكُونُ مُتَقَدِّمًا عَلَى مَحَلِّ الْإِمَالَةِ مِنَ الْكَلِمَةِ وَمُتَأَخِّرًا عَنْهُ وَيَكُونُ أَيْضًا مُقَدَّرًا فِي مَحَلِّ الْإِمَالَةِ.
وَقَدْ تَكُونُ الْكَسْرَةُ وَالْيَاءُ غَيْرَ مَوْجُودَتَيْنِ فِي اللَّفْظِ وَلَا مُقَدَّرَتَيْنِ فِي مَحَلِّ الْإِمَالَةِ، وَلَكِنَّهُمَا مِمَّا يَعْرِضُ فِي بَعْضِ تَصَارِيفِ الْكَلِمَةِ.
وَقَدْ تُمَالُ الْأَلِفُ أَوِ الْفَتْحَةُ لِأَجْلِ أَلِفٍ أُخْرَى أَوْ فَتْحَةٍ أُخْرَى مُمَالَةٍ، وَتُسَمَّى هَذِهِ إِمَالَةٌ لِأَجْلِ إِمَالَةٍ، وَقَدْ تُمَالُ الْأَلِفُ تَشْبِيهًا بِالْأَلِفِ الْمُمَالَةِ.
قَالَ ابْنُ الْجَزَرِيّ: وَتُمَالُ أَيْضًا بِسَبَبِ كَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ، وَلِلْفَرْقِ بَيْنَ الِاسْمِ وَالْحَرْفِ، فَتَبْلُغُ الْأَسْبَابُ اثْنَيْ عَشَرَ سَبَبًا.
فَأَمَّا الْإِمَالَةُ لِأَجْلِ الْكَسْرَةِ السَّابِقَة: فَشَرْطُهَا أَنْ يَكُونَ الْفَاصِلُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَلِفِ حَرْفًا وَاحِدًا، نَحْوُ: كِتَابٌ وَحِسَابٌ وَهَذَا الْفَاصِلُ إِنَّمَا حَصَلَ بِاعْتِبَارِ الْأَلِفِ.
وَأَمَّا الْفَتْحَةُ الْمُمَالَةُ فَلَا فَاصِلَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْكَسْرَةِ أَوْ حَرْفَيْنِ أَوَّلُهُمَا سَاكِنٌ نَحْوُ: إِنْسَانٌ أَوْ مَفْتُوحَيْنِ وَالثَّانِي هَاءٌ لِخَفَائِهَا.
وَأَمَّا الْيَاءُ السَّابِقَةُ فَإِمَّا مُلَاصِقَةٌ لِلْأَلِفِ كَالْحَيَاةِ، وَالْأَيَامَى، أَوْ مَفْصُولَةٌ بِحَرْفَيْنِ أَحَدُهُمَا الْهَاءُ، كَيَدِهَا.
وَأَمَّا الْكَسْرَةُ الْمُتَأَخِّرَةُ: فَسَوَاءٌ كَانَتْ لَازِمَةً نَحْوَ عَابِدٍ، أَمْ عَارِضَةً نَحْوَ: {مِنَ النَّاسِ} وَ{فِي النَّارِ}. وَأَمَّا الْيَاءُ الْمُتَأَخِّرَةُ فَنَحْوُ: مُبَايِعٌ. وَأَمَّا الْكَسْرَةُ الْمُقَدَّرَةُ فَنَحْوَ: خَافَ إِذِ الْأَصْلُ (خَوِفَ).
وَأَمَّا الْيَاءُ الْمُقَدَّرَةُ: فَنَحْوُ: يَخْشَى، وَالْهُدَى، وَأَبَى، وَالثَّرَى فَإِنَّ الْأَلِفَ فِي كُلِّ ذَلِكَ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ يَاءٍ، تَحَرَّكَتْ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا.
وَأَمَّا الْكَسْرَةُ الْعَارِضَةُ فِي بَعْضِ أَحْوَالِ الْكَلِمَة: فَنَحْوُ: طَابَ، وَجَاءَ، وَشَاءَ، وَزَادَ؛ لِأَنَّ الْفَاءَ تُكْسَرُ مِنْ ذَلِكَ مَعَ ضَمِيرِ الرَّفْعِ الْمُتَحَرِّكِ.
وَأَمَّا الْيَاءُ الْعَارِضَةُ كَذَلِكَ، نَحْوُ: تَلَا، وَغَزَا، فَإِنَّ أَلِفَهُمَا عَنْ وَاوٍ، وَإِنَّمَا أُمِيلَتْ لِانْقِلَابِهَا يَاءً فِي تُلِيَ وَغُزِيَ.
وَأَمَّا الْإِمَالَةُ لِأَجْلِ الْإِمَالَةِ، فَكَإِمَالَةِ الْكِسَائِيِّ الْأَلِفَ بَعْدَ النُّونِ مِنْ {إِنَّا لِلَّهِ} [الْبَقَرَة: 156] لِإِمَالَةِ الْأَلِفِ مِنْ لِلَّهِ وَلَمْ يُمِلْ وَإِنَّا إِلَيْهِ لِعَدَمِ ذَلِكَ بَعْدَهُ. وَجَعَلَ مِنْ ذَلِكَ إِمَالَةَ: الضُّحَى، وَالْقُرَى، وَضُحَاهَا، وَتَلَاهَا.
وَأَمَّا الْإِمَالَةُ لِأَجْلِ الشَّبَه: فَإِمَالَةُ أَلِفِ التَّأْنِيثِ فِي نَحْو: الْحُسْنَى، وَأَلِفِ مُوسَى وَعِيسَى لِشَبَهِهَا بِأَلِفِ الْهُدَى.
وَأَمَّا الْإِمَالَةُ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ، فَكَإِمَالَةِ النَّاسِ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثِ، عَلَى مَا رَوَاهُ صَاحِبُ الْمُبْهِجِ.
وَأَمَّا الْإِمَالَةُ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الِاسْمِ وَالْحَرْفِ؛ فَكَإِمَالَةِ الْفَوَاتِحِ. كَمَا قَالَ سِيبَوَيْه: إِنَّ إِمَالَةَ بَاءٍ وَتَاءٍ فِي حُرُوفِ الْمُعْجَمِ؛ لِأَنَّهَا أَسْمَاءُ مَا يُلْفَظُ بِهِ فَلَيْسَتْ مِثْلَ (مَا) وَ(لَا) وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْحُرُوفِ.
وَأَمَّا وُجُوهُهَا أَيِ الْإِمَالَة: فَأَرْبَعَةٌ، تَرْجِعُ إِلَى الْأَسْبَابِ الْمَذْكُورَةِ. أَصْلُهَا اثْنَان: الْمُنَاسَبَةُ وَالْإِشْعَارُ. فَأَمَّا الْمُنَاسَبَةُ: فَقِسْمٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ فِيمَا أُمِيلَ لِسَبَبٍ مَوْجُودٍ فِي اللَّفْظِ، وَفِيمَا أُمِيلَ لِإِمَالَةِ غَيْرِهِ، فَإِنَّهُمْ أَرَادُوا أَنْ يَكُونَ عَمَلُ اللِّسَانِ وَمُجَاوَرَةُ النُّطْقِ بِالْحَرْفِ الْمُمَالِ بِسَبَبِ الْإِمَالَةِ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ، وَعَلَى نَمَطٍ وَاحِدٍ.
وَأَمَّا الْإِشْعَارُ أَيِ الْإِمَالَة: فَثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: إِشْعَارٌ بِالْأَصْلِ، وَإِشْعَارٌ بِمَا يَعْرَضُ فِي الْكَلِمَةِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ، وَإِشْعَارٌ بِالشَّبَهِ الْمُشْعِرِ بِالْأَصْلِ.
وَأَمَّا فَائِدَتُهَا أَيِ الْإِمَالَة: فَسُهُولَةُ اللَّفْظِ، وَذَلِكَ أَنَّ اللِّسَانَ يَرْتَفِعُ بِالْفَتْحِ وَيَنْحَدِرُ بِالْإِمَالَةِ وَالِانْحِدَارُ أَخَفُّ عَلَى اللِّسَانِ مِنْ الِارْتِفَاعِ؛ فَلِهَذَا أَمَالَ مَنْ أَمَالَ وَأَمَّا مَنْ فَتَحَ: فَإِنَّهُ رَاعَى كَوْنَ الْفَتْحِ أَمْتَنَ أَوِ الْأَصْلَ.
وَأَمَّا مَنْ أَمَالَ: فَكُلُّ الْقُرَّاءِ الْعَشَرَةِ إِلَّا ابْنَ كَثِيرٍ، فَإِنَّهُ لَمْ يُمِلْ شَيْئًا فِي جَمِيعِ الْقُرْآنِ.
وَأَمَّا مَا يُمَالُ: فَمَوْضِعُ اسْتِيعَابِهِ كُتُبُ الْقِرَاءَاتِ، وَالْكُتُبُ الْمُؤَلَّفَةُ فِي الْإِمَالَةِ.
وَنَذْكُرُ هُنَا مَا يَدْخُلُ تَحْتَ ضَابِطٍ:
فَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ: أَمَالُوا كُلَّ أَلِفٍ مُنْقَلِبَةٍ عَنْ يَاءٍ، حَيْثُ وَقَعَتْ فِي الْقُرْآنِ، فِي اسْمٍ أَوْ فِعْلٍ: كَالْهُدَى، وَالْهَوَى، وَالْفَتَى، وَالْعَمَى، وَالزِّنَا، وَأَتَى، وَأَبَى، وَسَعَى، وَيَخْشَى، وَاجْتَبَى، وَاشْتَرَى، وَمَثْوَى، وَمَأْوَى، وَأَدْنَى، وَأَزْكَى.
وَكُلَّ أَلِفِ تَأْنِيثٍ عَلَى (فُعْلَى) بِضَمِّ الْفَاءِ أَوْ كَسْرِهَا أَوْ فَتْحِهَا كَطُوبَى، وَبُشْرَى، وَقُصْوَى، وَالْقُرْبَى، وَالْأُنْثَى، وَالدُّنْيَا، وَإِحْدَى، وَذِكْرَى، وَسِيمَا، وَضِيزَى، وَمَوْتَى، وَمَرْضَى، وَالسَّلْوَى، وَالتَّقْوَى، وَأَلْحَقُوا بِذَلِكَ مُوسَى وَعِيسَى وَيَحْيَى.
وَكُلَّ مَا كَانَ عَلَى وَزْنِ (فُعَالَى) بِالضَّمِّ أَوِ الْفَتْح: كَسُكَارَى، وَكُسَالَى، وَأُسَارَى، وَيَتَامَى، وَنَصَارَى، وَالْأَيَامَى.
وَكُلَّ مَا رُسِمَ فِي الْمَصَاحِفِ بِالْيَاءِ نَحْوَ: (بَلَى) وَ(مَتَى) وَ(يَا أَسَفَى) وَ(يَا وَيْلَتَى) وَ(يَا حَسْرَتَى) وَ(أَنَّى) لِلِاسْتِفْهَامِ. وَاسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ: حَتَّى، وَإِلَى، وَعَلَى، وَلَدَى، وَمَا زَكَّى، فَلَمْ تُمَلْ بِحَالٍ.
وَكَذَلِكَ: أَمَالُوا مِنَ الْوَاوِيِّ مَا كُسِرَ أَوَّلُهُ أَوْ ضُمَّ، وَهُوَ (الرِّبَا) كَيْفَ وَقَعَ (الضُّحَى) كَيْفَ جَاءَ وَالْقُوَى وَالْعُلَى.
وَأَمَالُوا رُءُوسَ الْآيِ مِنْ إِحْدَى عَشْرَةَ سُورَةً جَاءَتْ عَلَى نَسَقٍ، وَهِيَ: طه وَالنَّجْمِ وَسَأَلَ وَالْقِيَامَةِ وَالنَّازِعَاتِ وَعَبَسَ وَالْأَعْلَى وَالشَّمْسِ وَاللَّيْلِ وَالضُّحَى وَالْعَلَقِ وَوَافَقَ عَلَى هَذِهِ السُّوَرِ أَبُو عَمْرٍو وَوَرْشٌ.
وَأَمَالَ أَبُو عَمْرٍو كُلَّ مَا كَانَ فِيهِ رَاءٌ بَعْدَهَا أَلِفٌ بِأَيِّ وَزْنٍ كَانَ كَذِكْرَى وَبُشْرَى وَأَسْرَى وَأَرَاهُ وَاشْتَرَى وَيَرَى وَالْقُرَى وَالنَّصَارَى وَأُسَارَى وَسُكَارَى وَوَافَقَ عَلَى أَلِفَاتِ (فُعْلَى) كَيْفَ أَتَتْ.
وَأَمَالَ أَبُو عَمْرٍو وَالْكِسَائِيُّ كُلَّ أَلِفٍ بَعْدَهَا رَاءٌ مُتَطَرِّفَةٌ، مَجْرُورَةٌ نَحْوُ: الدَّارِ، وَالنَّارِ، وَالْقَهَّارِ، وَالْغَفَّارِ، وَالنَّهَارِ، وَالدِّيَارِ، وَالْكُفَّارِ، وَالْإِبْكَارِ، وَبِقِنْطَارِ، وَأَبْصَارِهِمْ، وَأَوْبَارِهَا، وَأَشْعَارِهَا، وَحِمَارِكَ، سَوَاءٌ كَانَتِ الْأَلِفُ أَصْلِيَّةً أَمْ زَائِدَةً.
وَأَمَالَ حَمْزَةُ الْأَلِفَ مِنْ عَيْنِ الْفِعْلِ الْمَاضِي مِنْ عَشَرَةِ أَفْعَالٍ، وَهِيَ زَادَ وَشَاءَ وَجَاءَ وَخَابَ وَرَانَ وَخَافَ وَزَاغَ وَطَابَ وَضَاقَ وَحَاقَ، حَيْثُ وَقَعَتْ، وَكَيْفَ جَاءَتْ.
وَأَمَالَ الْكِسَائِيُّ هَاءَ التَّأْنِيثِ وَمَا قَبْلَهَا وَقْفًا مُطْلَقًا بَعْدَ خَمْسَةَ عَشَرَ حَرْفًا يَجْمَعُهَا قَوْلُكَ (فَجَثَتْ زَيْنَبُ لِذَوْدِ شَمْسٍ) فَالْفَاءُ كَخَلِيفَةٍ وَرَأْفَةٍ، وَالْجِيمُ كَوَلِيجَةٍ وَلُجَّةٍ، وَالثَّاءُ كَثَلَاثَةٍ وَخَبِيثَةٍ، وَالتَّاءُ كَبَغْتَةٍ وَالْمَيْتَةِ، وَالزَّايُ كَبَارِزَةٍ وَأَعِزَّةٍ، وَالْيَاءُ كَخَشْيَةٍ وَشَيْبَةٍ، وَالنُّونُ كَسُنَّةٍ وَجَنَّةٍ، وَالْبَاءُ كَحَبَّةٍ وَالتَّوْبَةِ، وَاللَّامُ كَلَيْلَةٍ وَثُلَّةٍ، وَالذَّالُ كَلَذَّةٍ وَالْمَوْقُوذَةِ، وَالْوَاوُ كَقَسْوَةٍ وَالْمَرْوَةِ، وَالدَّالُ كَبَلْدَةٍ وَعِدَّةٍ، وَالشِّينُ كَالْفَاحِشَةِ وَعِيشَةٍ، وَالْمِيمُ كَرَحْمَةٍ وَنِعْمَةٍ وَالسِّينُ كَالْخَامِسَةِ وَخَمْسَةٍ.
وَبِفَتْحٍ مُطْلَقًا بَعْدَ عَشَرَةِ أَحْرُفٍ، وَهِيَ جَاعَ، وَحُرُوفُ الِاسْتِعْلَاءِ (قِظَّ خُصَّ ضَغْطٍ) وَالْأَرْبَعَةُ الْبَاقِيَةُ وَهِيَ (أَكْهَرْ) إِنْ كَانَ قَبْلَ كُلٍّ مِنْهَا يَاءٌ سَاكِنَةٌ، أَوْ كَسْرَةٌ مُتَّصِلَةٌ أَوْ مُنْفَصِلَةٌ بِسَاكِنٍ يُمِيلُ، وَإِلَّا بِفَتْحٍ.
وَبَقِيَ أَحْرُفٌ فِيهَا خُلْفٌ وَتَفْصِيلٌ، وَلَا ضَابِطَ يَجْمَعُهَا فَلْتُنْظَرْ مِنْ كُتُبِ الْفَنِّ.
وَأَمَّا فَوَاتِحُ السُّوَرِ وَالْإِمَالَةُ فِيهَا:
فَأَمَالَ الر فِي السُّورِ الْخَمْسَة: حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ وَأَبُو عَمْرٍو وَابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو بَكْرٍ وَبَيْنَ بَيْنَ وَرْشٌ.
وَأَمَالَ الْهَاءَ مِنْ فَاتِحَةِ (مَرْيَمَ) وَ(طه) أَبُو عَمْرٍو وَالْكِسَائِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ.
وَأَمَالَ حَمْزَةُ وَخَلَفٌ (طه) دُونَ (مَرْيَمَ).
وَأَمَالَ الْيَاءَ مِنْ أَوَّلِ (مَرْيَمَ) مَنْ أَمَالَ (الر) إِلَّا أَبَا عَمْرٍو عَلَى الْمَشْهُورِ عَنْهُ، وَمِنْ أَوَّلِ يس الثَّلَاثَةُ الْأَوَّلُونَ وَأَبُو بَكْرٍ.
وَأَمَالَ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ الطَّاءَ مِنْ طَه وَطسم وَطس وَالْحَاءَ مَنْ حم فِي السُّوَرِ السَّبْعِ، وَوَافَقَهُمْ فِي الْحَاءِ ابْنُ ذَكْوَانَ.